الرئيسية مقالات متنوعة شجرة التخطيط لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة

شجرة التخطيط لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة | منصة تدريب اون لاين

شجرة التخطيط لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة


2022-03-15

بقلم: الدكتور زكريا الخنجي

 

في ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، يحتاج رائد العمل إلى نوع من أنواع التفكير التخطيطي أو التصميمي، أو ربما التصميمي والتخطيطي على حد سواء، فكلا النوعين من التفكير يساعدان رائد العمل في السير في الطريق وبقليل من التعثر، وإن كان التعثر هو طبيعة هذا الطريق.

ومن خلال تجاربنا في العديد من الاستشارات والدورات التدريبية في مجال ريادة الأعمال وجدنا أن التخطيط لريادة الأعمال يمكن وصفها كشجرة، هذه الشجرة مكونة من 6 أفرع كلها تبدأ بحرف (التاء)، وكل فرع مكون من عدد من التفريعات، لتكون لنا في النهاية شجرة وارفة أو خططًا ناجحة تؤتي ثمارها بعد حين، وهي كالتالي:

الفرع الأول: تحديد المشروع؛ لقد وجدنا أن هناك العديد من الطرق والأساليب التي يمكن ممارستها للوصول إلى المشروع المناسب، منها استخدام أساليب التفكير الإبداعي بأنواعها المختلفة، منها دراسة احتياجات السوق واحتياجات العملاء، ومنها البحث عن حلول لمشاكل قائمة في المجتمع تحتاج إلى بعض الرؤية الواضحة، وأخيرًا ربما وفق قدرات رائد العمل نفسه واهتماماته ومواهبة. فرائد العمل لا يسير وفق الموضة ووفق الطفرات التجارية التي تحدث في السوق، فتارة تزدهر تجارة الأغذية التي تباع من السيارات، فيسير معها، وعندما تنتهي الموضة يلغي تجارة فيتحول إلى الموضة الجديدة، فهذا إهدار للوقت والجهد والمال.

تحديد المشروع التجاري، يمكن أن يُعد من أخطر المراحل في دخول السوق التجاري لذلك وضعناها كأول فرع من فروع شجرة ريادة الأعمال، فإن كان المشروع الذي تم اختياره وفق الموضة أو وفق أهواء آخرين، فإنه حتمًا ستأتي بعض اللحظات ونشعر أننا لا يمكننا الاستمرار، وربما هنا يقع الفأس في الرأس كما يقال، لذلك على الراغب في دخول السوق التجاري أن يفكر بصورة عقلانية ومنهجية في هذه الخطوة.

 

الفرع الثاني: تحديد الطموح؛ وهذا الفرع يشمل عدة أمور على رائد العمل أن يتقن صياغتها وكتابتها، فإن لم يكن هو فعلى الأقل يستعين بأحد الأصدقاء والمستشارين وخاصة الذين لهم باع طويل في مثل هذه الأمور، فمثلاً: تحديد الرؤية، وتحديد الرسالة، وتحديد القيم، وتحديد الأهداف.

وتعرف الرؤية أنها النتيجة النهائية التي نسعى إلى صنعها، أو ما نود الوصول إليه، ويجدها الآخرون أنها كلمة عامة للأهداف، لذلك تعرف عند البعض أنها الأهداف الاستراتيجية أو الأهداف البعيدة المدى أو الشيء الذي نخطط له لنعمله غدًا أو هذا الأسبوع، أو الشهر أو السنة القادمة. وحتى نصل إلى توضيح أكثر وضوحًا للرؤية فإننا يمكن أن نقول إن الرؤية هي الإجابة على السؤال التالي: ماذا أريد أن أصنع في مشروعي ؟ ما الصورة المستقبلية التي أود أن يكون عليها المشروع ؟

وأما الأهداف فهي ما يسعى إليه الفرد من أجل تحقيقه، وهو وصف ما يجب إنجازه، أو النتائج المحددة التي يُتوقع تحقيقها، أو الغايات المتوقعة من الفرد.

وعندما نحدد كل هذه الأمور فإنه ينبغي أن نكتب كل هذا على ورق، وربما ورقة كبيرة حتى نضعها أمام أعيننا لنقرأها كل يوم، ونحفظها عن ظهر قلب، ويقرأها جميع المشاركين في المشروع، سواء فريق العمل أم المساهمين، لأنه وفقًا لهذه الأهداف والرؤية والرسالة يمكننا أن نسير بخطوات صحيحة.

 

الفرع الثالث: تحليل البيئة والسوق؛ لقد وجدنا العديد من الطرق لدراسة الأسواق وتحليلها، وربما أشهر تلك الروايات ما يعرف بتحليل (سوات)، والذي يدرس نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة لرائد العمل والتهديدات التي يمكن أن يواجهها. وتعرف نقاط القوة أنها المميزات التي يمكن أن يتمتع بها منتج رائد العمل، أو ما نطلق عليه عادة بالقيمة المضافة، فماذا يمكن أن نقدم للعميل من خلال هذا المنتج ؟ فهل هذا المنتج يحل مشكلة لديه ؟ أو يساهم في راحة العميل ؟ وما إلى ذلك من أمور يجب أن نفكر فيها. أما نقاط الضعف فهي تلك التي تقلل من قيمة المنتج فلا يجعله يُتداول في السوق، والفرص هي تلك الأمور التي يمكن أن يقتنصها رائد العمل فتساعده في إثراء نشاطه، وأما التهديدات فهي كثيرة منها الأمور المتعلقة بالقضايا القانونية أو المالية أو ما إلى ذلك.

ولا يفضل بأي حال من الأحوال أن ندخل السوق من غير دراسة، فبالإضافة إلى دراسة التحليل الرباعي (سوات)، فنحن نحتاج إلى دراسة جدوى ودراسة احتياجات العملاء وما شابه ذلك.

 

الفرع الرابع: تحديد الافتراضيات والبدائل؛ في سوق المشاريع وخاصة الصغيرة وربما متناهية الصغر، فإنه من المهم جدًا ألا تغفل عما يجري حولك من أمور، فالأسواق كالأمواج التي ترتفع تارة وتنخفض تارات أخرى، وأنت كرائد عمل فإنه بالإضافة إلى المنتج الذي تقدمه فإنه من المهم ألا تغفل وتركن للراحة، لذلك فكر في أربعة أمور أثناء وضع الفرضيات والبدائل، هل يمكنك أن تتوسع في المنتج الذي تقدمه ؟ أم من المفروض في هذه المرحلة أن تنكمش، لأن السوق لا يسمح لك بالتوسع ؟ هل يمكنك أن تنوع منتجاتك في هذه المرحلة، أم تنتظر ريثما تهدأ الأمور وتنجلي الغمة ؟ هل عليك التركيز على منتج واحد، أو على الأقل على بضعة منتجات التي بين يديك ؟ ترى ماذا يقول لك السوق.

وتحديد الفرضيات والبدائل ليست عملية مزاجية، وإنما يجب أن تتم وفق منهجية علمية، وفكر إبداعي، فالأسواق لا أمان لها، لذلك فإنه يمكن أن تكون عدو نفسك في بعض الأحيان حينما تبدأ في إنتاج منتج جديد وأنت حتى الآن لم تتمكن من تسويق منتجك القديم، وربما أيضًا قد يكون رائد العمل لم يجد حتى هذه اللحظة المساحة السوقية التي يحتاج إليها، ولكنه مستمر في الإنتاج، كل هذه العوامل ذات تأثير على رائد العمل والمنتج.

 

الفرع الخامس: تخطيط للتنفيذ؛ ربما تكون كل تلك الخطوات السابقة تندرج تحت مبدأ التخطيط على ورق، أما في هذه المرحلة فإنه من المهم أن ينطلق رائد العمل ويشمر عن ساعديه ويدخل السوق، ولكن قبيل دخول السوق فإنه من المهم أن يحدد نوعين من الأهداف، وهي: الأهداف المرحلية، وهي خطوات مرحلة تليها مرحلة أخرى، وكذلك الأهداف التشغيلية، والتي تعني الأهداف القصيرة المدى التي تنبع من الأهداف العامة للنشاط التجاري الذي يقوم به رائد العمل، وتعتبر هذه الأهداف هي التعبير العملي الدقيق لمساهمة الإدارات الفرعية في تطبيق الأهداف العامة الأساسية، وهذا يعني ببساطة الكيفية العملية أو الآلية العملية التي يمكن أن تقوم بها الإدارات أو الأفراد لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها المؤسسة. فإن كان الهدف العام للمؤسسة مثلاً أن يكون الربح السنوي 20% مثلاً، فإن الأهداف التشغيلية تعني أنه كيف يمكننا أن نصل إلى هذا الربح خلال هذا العام.

ويجب أن يكون معلومًا عندما نصل إلى هذه المرحلة أن التخطيط عامة ينقسم إلى نوعين، وهما: التخطيط الذي يتم باستخدام القلم والورق، والتنفيذ الذي يتم على أرض الواقع، فربما من يقوم بعملية التخطيط لا يتقن فن التنفيذ، وربما يكون بالعكس، فعلى رائد العمل أن يعرف من الذي سيقوم بالتخطيط للعملية التجارية التي يود القيام بها، ومن سيقوم بتنفيذ هذه العملية، وهذا ليس قصورًا في الإنسان، فلكل إنسان قدرات وإمكانيات، فليس من الضروري أن يقوم رائد العمل بكل شيء، لذلك ننصح أن يقوم رائد العمل بتكوين فريق عمل من اللحظات الأولى في إنشاء المشروع.

 

الفرع السادس: التقويم المستمر؛ التقويم عملية نكتبها في نهاية الخطة، إلا إننا يجب أن نمارسها منذ اللحظات الأولى عند التخطيط لمشروع تجاري أيًا كان حجمه، فرائد العمل يجب أن يمارس عملية التقويم منذ لحظة التفكير في تحديد المشروع التجاري الذي يود القيام به، ومن ثم ينطلق بتقويم كل خطوة وكل مرحلة، فإن شعر أنه يمكن أن تختل العملية أو الفكرة فإنه يجب أن يقف، ويعيد دراسة الأمور.

كما أنه يجب أن يقوم رائد العمل بتقويم الجوانب المالية باستمرار، فهل المدخول أعلى من المصروف أم بالعكس أو مساو ؟ هل لديه عملاء مستمرون ودائمون، هل يذهبون ويعودون، هل يقومون بعملية الترويج للمنتج ؟ هل العمليات الداخلية التي تقام في المؤسسة تسير وفق منهجية علمية واحترافية، أم أنها تسير بصورة متذبذبة ؟ هل العمل في حالة نمو أم تعثر ؟ هل نحن نتعلم من تجاربنا أم أن التجارب تسير وتنطلق من غير أن نشعر ؟ هل نحن في حالة ربح أو خسارة، سواء من حيث المال أو العملاء أو المساحة السوقية التي نود أن نحتجزها ؟

فإن كانت كل تلك النقاط سلبية، فإن ذلك لا يوجب الخجل، وإنما هي خطوة وخطوات يمكن أن نراجعها حتى نتمكن من الوقوف بعد فترة من الزمن بأقدام ثابتة، فالتقويم لا يعني بالضرورة أننا خسرنا كل شيء، وإنما قد نكون في حالة ربح، لذلك فإن عملية التقويم هي التي تعطينا المحصلة النهائية للمشروع التجاري.

هذه شجرتنا التي قمنا بزراعتها من أجل مشاريع ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة، نرجو من الجميع الاستفادة منها، كما نصحنا العديد من الأخوة والأخوات، فساروا وفقًا لها، والحمد لله بدأوا يجنون ثمارها

 


تواصل معنا


668380